من وسائل التربية العقائدية للعسكريين التحرر من الدنيا وعوائقها، لأن من علامات صدق الإيمان سلامة المقصد والنيات، وعدم الركون إلى الدنيا، وقد قال تعالى ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾(١).
ففي هذه الآية، أمر الله لرسوله - ﷺ - بأن يثبت المؤمنين ويقوي عزائمهم، على الانتهاء عما نهوا عنه، من موالاة الآباء والإخوان، ويزهدهم فيهم وفيمن يجري مجراهم، ويقطع علائقهم عن زخارف الدنيا الدنية على وجه التوبيخ والترهيب.
تعتبر محبة الله ورسوله - ﷺ - والجهاد في سبيله الذي نظم حبه في سلك حب الله تعالى شأنه، وحب رسوله - ﷺ -، تنويهاً بشأنه، وتنبيهاً على أنه مما يجب أن يحب فضلاً عن أن يكره، وإيذاناً بأن محبته راجعة إلى محبة الله ومحبة حبيبه - ﷺ -، فإن الجهاد عبارة عن قتال أعدائهما لأجل عداوتهم، فمن يحبهما يجب أن يحب قتال من لا يحبهما(٢).
لقد كانت هذه الوسيلة التربية مؤثرة في تربية الجنود الأوائل، فكان من حالهم رضي الله عنه، كما وصفه الله بقوله ﴿وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ﴾(٣).
ضرب أمثلة بالقدوات السابقة:
(٢) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني-الألوسي-١٠/٧١-٧٥.
(٣) سورة التوبة-آية (٩٢).