ولضرب المثل شأن لا يخفى ونور لا يطفى، يرفع الأستار عن وجوه الحقائق، ويميط اللثام عن محيا الدقائق، ويبرز المتخيل في معرض اليقين، ويجعل الغائب كأنه شاهد، وربما تكون المعاني التي يراد تفيهمها معقولة صرفة، فالوهم ينازع العقل في إدراكها حتى يحجبها عن اللحوق بما في العقل، فبضرب الأمثال تبرز في معرض المحسوس، فيساعد الوهم العقل في إدراكها، وهناك تنجلي غياهب الأوهام، ويرتفع شغب الخصام قال تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) (١) وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثواب والعقاب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر أو إبطاله قال تعالى (وضربنا لكم الأمثال) فامتن علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد (٢).
فيتربى المرء بفهم أمثال القرآن الكريم والتعمق فيها، سالكا الجادة الصحيحة والسبيل الأقوم الذي يوصله إلى النور والصفاء، بعيدا عن الشقاء.
المطلب الثاني: الاعتبار بأحوال الآخرة من البعث والحشر والثواب والعقاب.
(٢) المصدر السابق للسيوطي.