قاعدة مهمة في تثبيت القلب المتقلب، هي الترغيب والترهيب، ففي الأولى دفع للأمام والامتثال والاتباع والرضى والقناعة، وفي الثانية حاجز عن الانحراف والوقوع في المناهي والتردي في المخاطر والمهاوي، وهما أسلوبان من الأساليب الناجحة في التربية والتفهيم والقناعة، والأخذ بالمرء وترقيته إلى الأعلى والسموّ في كل مجال، تعلما كان أو تعليما، توجيها أو إرشادا، تأثرا أو تأثيرا، والقرآن الكريم يعرض الآيات الكثيرة في الترغيب والترهيب بأساليب متنوعة كالمقابلة والطباق(١)، وقد يعرض بالموازنة بين الضدين(٢)، وكلها من أرقى أساليب اللغة العربية في البيان والعرض وجلاء الأمور، وفي الترغيب والترهيب مبدأ التخلية والتحلية وهو جانب مهم في التأثر والتأثير حسب المجال والموضوع والغاية والنتيجة، وللقرآن الكريم منهجه الخاص في عرض آيات الترغيب والترهيب، فتصنيفها بعد جمعها بحاجة إلى بحث مستقل يبرز فيه محاسن هذه القاعدة الناجحة.

(١) الطباق: في اصطلاح البديع، هو الجمع بين معنيين متقابلين بأيّ تقابل كان، والمقابلة: هي المساواة بين شيئين كمقابلة الكتاب بالكتاب، وفي علم البديع: أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب، كما في التنزيل العزيز (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) ينظر الفرق ١/٥٤، و المعجم الوسيط ٢/ ٥٥٠ و ٧١٣.
(٢) ينظر بحثنا بعنوان (الموازتة بين الضدين في القرآن الكريم مناهجها أهدافها) منشور في مجلة.


الصفحة التالية
Icon