إن إقناع أي شخص بهدف ما، أو بنتيجة لقضية مهمة، بحاجة إلى تهيئة الجو الملائم أو المناسب لعرض الموضوع، حتى يسهل إبراز الغاية السامية، فيتقبلها المتلقي بصدر رحب وقلب واع ونفس رضية، لذا أرى لزاما توضيح المفهوم من عنوان بحثي هذا ليظهر المضمون، وينتقل القارئ إلى المباحث المعروضة على بينة ويستوعبها بسهولة وسرعة.
فلفظة التربية مصدر كلمة (ربّى) بالتضعيف، فيقال: ربّاه تربية؛ أي: أحسن القيام عليه، ووَلِيه حتى يفارق الطفولية، كان ابنه أو لم يكن، وأما الربّ فعلى ثلاثة أقسام: يكون الرب بمعنى المالك، ويكون الرب بمعنى السيد المطاع، ويكون الرب بمعنى المصلح، ورَبّ الشيءَ: إذا أصلحه (١).
وعلى هذا فأقصد بالتربية القرآنية ما يمتاز به القرآن الكريم من خصائص عالية موصلة لغايات سامية، إذ يأخذ بلبّ المرء فيجعله يرتقي من حال إلى أحسن وإلى أفضل بل وإلى أعلى وأسمى، في العمل والمعتقد ونحوهما، وكل هذا يدل عليه معنى التربية، إذ يقول الراغب الأصفهاني: التربيةُ إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام (٢)، بمعنى أن الفرد يتطور حالاته من مرحلة إلى أخرى حتى يصل إلى القمة مطبقا كل تعاليم القرآن الكريم الذي فيه سعادة المرء في دينه ودنياه، وكذا المجتمع إذا سار على الدرب نفسه.
(٢) المفردات للراغب الأصفهاني ١/١٨٤.