وكون القرآن الكريم كتاب تربية حقيقة مسلّمة لا ينكرها إلا من ختم الله على قلبه، فهو كتاب تربية وتهذيب وتطوير وتجديد لكل أمور المرء في حياته إن أراد الدنيا أو أراد الآخرة، إذ قال الله تعالى عن النبي الأمي –صلى الله عليه وسلم- ( يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة (١) وهذا الكتاب يؤدي مهمتين اثنتين في وقت واحد، مهمة تعليمية تثقيفية، ومهمة أخلاقية تربوية، وهكذا كانت المدرسة المحمدية النبوية الأولى على هذا الأساس من التعليم وتهذيب النفس وتربية القلوب والعقول.
وفي حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- (من تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ من كَسْبٍ طَيِّبٍ ولا يَقْبَلُ الله إلا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لصاحبها كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّهُ (٢) حتى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ (٣) خير توضيح لمعنى التربية، إذ ينمى الله تعالى تمرة المتصدق – ذات الحجم الصغير - من كسب طيب، حتى تصير مثل جبل أحد، لا يستطيع أحد من البشر معرفة وزنها ولا حقيقة حجمها.
(٢) الفلو: بفتح الفاء وضم اللام، وهو المهر (صغار الخيل) ينظر مشارق الأنوار ٢/١٦٠..
(٣) رواه البخاري في صحيحه، واللفظ له، في كتاب الزكاة، باب لا يقبل الله صدقة من غلول ولا يقبل إلا من كسب طيب، الصحيح ٢/٥١١، ومسلم في صحيحه، في كتاب الزكاة، بَاب قَبُولِ الصَّدَقَةِ من الْكَسْبِ الطَّيِّبِ وَتَرْبِيَتِهَا ٢/٧٠٢.