فكذا أحدث تحولا في الأمة التي نزل على نبيها هذا القرآن الكريم إلى أن أصبحوا - كما قيل - قرآن يمشى على الأرض، بعملهم وامتثالهم والتأسي بنبيهم وعدم مخالفتهم له، فقصة عمر بن الخطاب الذي كان قبل إسلامه من أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين، ما إن أسلم وامتثل بهدي القرآن الكريم إلا انقلب على عقب وترقى وتهذب حتى كان من أشدهم حبا لله تعالى ورسوله، وهكذا الخنساء (١) التي كانت قبل إسلامها تبكي بموت أخيها صخر وتولول، لكن بعد الإسلام واستشهاد أبنائها، تحمد الله تعالى وتصبر وتتمنى اللقاء بهم في الجنة.
والآية التالية فيها بيان لمهمة القرآن التربوية، إذ يقول تعالى ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (٢) يمتن الله تعالى على المسلمين الأولين بأن أكرمهم برسالة سيدنا محمد – ﷺ – وأنزل عليه هذا القرآن ليكون دستور الإنسانية وقانونها العام، وأن هذا الكتاب يؤدي مهمتين اثنتين في وقت واحد، مهمة تعليمية تثقيفية، ومهمة أخلاقية تربوية، وهكذا كانت المدرسة المحمدية النبوية الأولى على أساس من التناسق والتكامل والانسجام.

(١) هي: خنساء بنت عمرو بن الشريد بن ثعلبة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، السلمية، الشاعرة المشهورة، اسمها: تماضر - بمثناة فوقانية أوله، وضاد معجمة. ينظر لقصتها وترجمتها، الإصابة ٧/٦١٣-٦١٥.
(٢) سورة الجمعة آية رقم ( ٢ ).


الصفحة التالية
Icon