ولا شك أن اللسان والسيف كلاهما سلاح في الخصومة، ولكن إذا كان السيف أشد رهبة، وأصلب جسداً، فإن اللسان أنفذ طعناً، وأبعد أثراً، هذا عند الخصومة، وكذلك عند الغاية والنتيجة حين يحقق كل منهم هدفه، فإن اللسان حينئذٍ أشد سلطاناً على أتباعه، وهم أشد طواعية له من طاعتهم للسيف.
ولقد شاهدنا عبر التاريخ كيف أن من اتخذوا السيف وسيلة لهم لاحتلال البلاد واستعباد العباد بالقوة لم يمكثوا كثيراً في حكمهم، وسرعان ما زال هذا الملك وهذه الرياسة مثل فرعون والنمرود وبعض أنظمة العصر الحديث.
بينما بسجل التاريخ بأحرف من نور مسيرة الأنبياء عليهم السلام وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم.. هذه المسيرة التي لا زلنا نتفيأ ظلال الرحمة والاستمرارية فيها على مدار التاريخ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وذلك للأسباب التالية:
١-إن انقياد الناس لهؤلاء الطغاة إنما كان انقياداً قسرياً ورغماً عنها.. لأن هؤلاء الطغاة استعبدوهم بالقوة الجبرية... ويبقى انقيادهم لهم ما دامت القوة في أيديهم... في حين أن انقياد الناس للأنبياء والرسل عليهم السلام انقياداً ملؤه اليقين والإيمان بصدقهم، فمهما دار الزمان... ومات أو قتل من قتل من الأنبياء عليهم السلام فإن أتباعهم باقون على معتقداتهم لا يثنيهم عنها أحد.
٢-إن سيطرة الطغاة بقوتهم على رقاب الناس إنما يكسبهم الأعداء... وإن كان الخاضعون لهم يظهرون الطاعة إلا أن نفوسهم مليئة بالحقد والكراهية لهؤلاء الطغاة.
أما أتباع الأنبياء والرسل عليهم السلام فقلوبهم مملوءة بالحب والخضوع والانقياد والإيمان لدعوة هذا النبي فلا حقد ولا ضغينة ولا حسد، ولنا في أصحاب رسول الله خير دليل، ولا زال المؤمنون بهذه العقيدة يبذلون الغالي والنفيس لنشرها والذود عنها من خلال الإيمان الصادق بها.


الصفحة التالية
Icon