ذلك الكتاب من حكم به عدل، ومن قال به صدق، ومن طلب الهداية في غيره فقد ضلّ سواء السبيل، ومن تبع هداه فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عنه فإن له معيشة ضنكا!
قال الناظم([٥]):
ومن لجلباب الحيا أزاحه
كمثل ما جاء به مسيلمة
ركيكة في لفظها والمعنى
...... معارضاً له حوى افتضاحه
من ترهات باختلال معلمة
كقوله والطاحنات طحنا
ولقد اهتم العلماء كثيراً بكتاب الله -عز وجل- فنهلوا مما فيه من علوم شتى، واستفادوا منها وأفادوا المسلمين بنشرها، ولا يزال كتاب الله -عز وجل- هو مصدر العلوم المختلفة.
ومن ضمن تلك العلوم علم التفسير، فالواجب على العلماء أن يقوموا بالكشف عن معاني كلام الله -عز وجل-، وتفسير ذلك وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: }وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴿([٦]).
وقال تعالى: ﴾
إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{([٧]).
فاستحق أهل الكتاب الذم لبعدهم عن كتاب الله المنزل عليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله، فعلينا أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهمه وتفهيمه([٨]).
ولذا اهتم العلماء منذ عصر الصحابة بتفسير القرآن، ومن أجَلِّهم عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- الحبر البحر ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترجمان القرآن ببركة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل([٩]).


الصفحة التالية
Icon