كما اهتم أكابر الصحابة، ثم تابعهم على ذلك العلماء. ولكن على ما أُوتي أولئك العلماء وخاصة من الصحابة والتابعين من الفصاحة، وتوقد الذهن، إلاّ أنهم كانوا يضعون قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار)([١٠]) نصب أعينهم، وهذا أبوبكر الصديق يقول -رضي الله عنه-: (أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم)([١١]). وكذلك وردت آثار بنفس المعنى عن التابعين([١٢]).
ولكن كان ذلك التفسير بغير علم، أما إن كانت له دراية في التفسير وعلومه المترابطة به فلا حرج في ذلك، بل نحن مأمورون به مصداقاً لقوله تعالى: }لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ{([١٣]).
وقد اشتغل العلماء بالقرآن وما فيه من علوم، فبعضهم اشتغل بتفسير ما فيه من آيات الأحكام، والتي تشتمل على أحكام شرعية، وبعضهم اشتغل بما فيه من البلاغة وعلوم النحو والصرف.. إلخ.
ومن الملاحظ للمستقرئ آيات القرآن الكريم أنه هناك في القرآن أسلوباً متميزاً، ألا وهو أسلوب الحوار، الذي يوجد منه الكثير في آيات هذا الكتاب العزيز، جاء القرآن ليعرض الحوار بشكل متميز يسترعي الانتباه ويلفت الأنظار، ويترك للعقول المجال الواسع لاستنباط العبر والعظات من تلك المحاورات العديدة التي حفل بها القرآن العظيم، والتي جاءت في سور عدة في القرآن الكريم، وجاءت تلك المحاورات لتتحدث عن مواضيع مختلفة تهم الناس كافة.


الصفحة التالية
Icon