الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله أجمعين، أما بعد، المستمعون الأكارم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه هي الحلقة الحاديةَ والعشرون من شرح مقدمة أصول التفسير، وهي الأخيرة في هذه السلسلة التي أسأل الله أن يبار فيها..
لقد ختم شيخ الإسلام رسالته هذه بمسألة التفسير بالرأي..
وأورد بعض الآثار عن السلف التي تبين أنهم كانوا يتحرجون من التفسير، مثال ذلك : قال يَزِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: كُنَّا نَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ، فَإِذَا سَأَلْنَاهُ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ سَكَتَ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْ ".
والتحقيق في مسألة التفسير بالرأي أنه ينقسم إلى قسمين :
الأول : الرأي المحمود، والثاني : الرأي المذموم.
ومما يدل على أن هناك رأياً محموداً ما يلي :
أنّ الله تعالى أمر بتدبر القرآن في مثل قوله :﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾.
والتدبر : التفكر الذي يفضي إلى فهم القرآن، وكلما أمعن المتدبر النظر وأعمل الفكر تكشفت له معانٍ لم تكن ظاهرةً له من ذي قبل كما أفاده الطبري رحمه الله. فالتدبّر: عملية عقلية يجريها المتدبر من أجل فهم معاني الخطاب القرآني ومراداته، ولا شك أنّ ما يظهرُ له من الفهم إنما هو اجتهاده الذي بلغه، ورأيُه الذي وصل إليه.