هذه هي الحلقة الخامسة من شرح مقدمة أصول التفسير، أبدأ حديثي سائلاً الله تعالى أن يجعل هذه المجالس مجالس خير وبركة ونفع.
سبق الكلام عن خلاف السلف في التفسير، وكان الحديث عن اختلاف التنوع، وذكر له الشيخ صنفين بقوله:
وَهَذَانِ الصِّنْفَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي تَنَوُّعِ التَّفْسِيرِ : تَارَةً لِتَنَوُّعِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَتَارَةً لِذِكْرِ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْمُسَمَّى وَأَقْسَامِهِ كَالتَّمْثِيلَاتِ، هُمَا الْغَالِبُ فِي تَفْسِيرِ سَلَفِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ
ثم قال رحمه الله :
وَمِنْ التَّنَازُعِ الْمَوْجُودِ عَنْهُمْ مَا يَكُونُ اللَّفْظُ فِيهِ مُحْتَمِلًا لِلْأَمْرَيْنِ ؛ إمَّا لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا فِي اللَّفْظِ كَلَفْظِ ( قَسْوَرَةٍ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الرَّامِي وَيُرَادُ بِهِ الْأَسَدُ. وَلَفْظِ ( عَسْعَسَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ إقْبَالُ اللَّيْلِ وَإِدْبَارُهُ. وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مُتَوَاطِئًا فِي الْأَصْلِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ أَوْ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ كَالضَّمَائِرِ فِي قَوْلِهِ :﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾.
الألفاظ في لغة العرب على أنواع : وهذه مقدمة لابد منها حتى يُفهمَ كلامُ الشيخ رحمه الله:
الأول: الألفاظ المتباينة.
وهي أن يستقل كل لفظ بمعنى يختلف فيه عن الآخر، فالليل غير النهار، والضياء غير الظلام.
الثاني : المشترك اللفظي :
وهو: ما اتحد لفظه وتعدد معناه، فيكون اللفظ مشترَكاً بين معنيين، ومثاله: (القسورة) وهو مشترَك بين الرامي وبين الأسد. ونحو كلمة (قروء)، فالقَرْءُ: الحيض والطهر. قال الشافعي رحمه الله :" القَرْء اسم للوقت، فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً". ومنه (عسعس) يعني: أقبل وأدبر.