المسألة الثانية : المشرَّكة. صورتها أن يجتمع في الإرث : زوج، وأم، وإخوة لأم، وإخوة أشقاء. ورد عن عمر - رضي الله عنه - فيها رأيان :
الرأي الأول :
الزوج يأخذ النصف، الزوجة تأخذ السدس، الإخوة لأم يأخذون الثلث. انتهت المسألة ما بقي شيء للأشقاء ؛ لأنهم عصبة. عمر - رضي الله عنه - تارة قضى بحجب الإخوة الأشقاء، وتارة قضى بالتشريك بين الإخوة الأشقاء والإخوة لأم.
مثل هذا الخلاف يقول الشيخ هذا لا يوجب ريباً في جمهور مسائل الفرائض.
فالشيخ رحمه الله أراد دفع شبهة، فهو يقول : لا يظنن ظان أن وجود الاختلاف يوجب الشك، فإن الاختلاف إذا كان من باب التنوع فالأمر واضح ولا إشكال، أما إذا كان الاختلاف ليس من باب التنوع فهذا مرجعه إلى المجتهدين الذين يجتهدون في هذه الأمور، فالاختلاف من جهة الاجتهاد لا من جهة الشرع، فلا مطعن في الشرع لأنّ الحق واحد لا يتعدد، والمصيبَ واحدٌ لا غير، وإن كان المجتهدان مأجورين.
ثم ذكر الشيخ أسباب الاختلاف بين العلماء بقوله :
وَالِاخْتِلَافُ قَدْ يَكُونُ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ أَوْ لِذُهُولِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْغَلَطِ فِي فَهْمِ النَّصِّ وَقَدْ يَكُونُ لِاعْتِقَادِ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ فَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّعْرِيفُ بِجُمَلِ الْأَمْرِ دُونَ تَفَاصِيلِهِ.
ذكر الشيخ هنا.... أسباب لاختلاف العلماء :
الأول : خفاء الدليل والذهول عنه.
فإذا لم يتبين عالم الدليل أو ذهَل عنه ولم يقل به وقع الاختلاف.
مثال ذلك يأتي عالم من العلماء ويقول : إن حديث كذا دليل على سبع فوائد. آخر يقول دليل على عشر فوائد. الأول غفل عن ثلاث فوائد، فوقع اختلاف بسبب الذُّهول عن الدليل. فالناس قدرات، والإمام الشافعي رحمه الله استنبط سبعين فائدةً من قول النبي - ﷺ - لأخ انس ابن مالك :« ما ذا فعل النغير يا أبا عمير».