قال تعالى :﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ [الكهف: ١٨]. فما لون كلب أصحاب الكهف؟
أرأيت لو قيل لك: إنَّ لونه أحمر، أو أبيض، ماذا ستسفيد من ذلك؟ هذه مسألةٌ العلم بها لا ينفع وجهلها لا يضر.
مثال آخر: قال تعالى في قصة قتيل بني إسرائيل :﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ﴾ [البقرة: ٧٣] بأي جزء منها ضُرب الميت؟ بذنبها، بأذنها؟ بيدها؟ هذا لا يهم.
ما مقدار سفينة نوح؟ كم طولها؟ ما لونها؟ ما نوعُ خشبها؟ لا يهم.
من هو الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام؟ لا يهم. وأقول هنا –استطراداً- هل تعلم ايها المستمع الكريم لماذ سُمي الخضر بهذا الاسم؟ الجواب: ، سُمي بذلك لأنه جلس على حشيشة يابسة فاهتزت تحته خضراء، فقيل له الْخَضِر لأجل ذلك. قال النبي - ﷺ - :«إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَاهْتَزَّتْ تَحْتَهُ خَضْرَاءَ» [حديث صحيح خرّجه الترمذي في جامعه] والفروة : الحشيش.
فما لم يأت بيانه فهذا لا يضر الجهل به، لكن الأمور التي يحتاجها الناس لا بد لها من بيان، ولا بد أن يُنقلَ، ولا بد أن يَثْبت.
هذه المبهمات، تُعرَف في علوم القرآن بعلم مستقل اسمه :(مبهمات القرآن)؛
والقاعدة في علم مبهمات القرآن :
أن المبهمات على قسمين :
القسم الأول : ما استأثر الله بعلمه، كتحديد زمن قيام الساعة، وكتحديد عمر الدنيا، وكذكر مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله.
هذا القسم يحرم طلب العلم به، وتكلفه لا يجوز، لأنك تطلب ما أخبرك الشارع أنه لا يعلمه أحد، فطلب العلم به تكذيب للشرع.


الصفحة التالية
Icon