وهذا ليس هو موضوع التصنيف في هذا العلم، ومن تكلم فيه فإنما تكلم بجهل ووقع في أمر محظور شرعاً.
القسم الثاني من أنواع المبهمات : ما لم يستأثر الله بعلمه، ولم يأت في القرآن أو في السنة ما يفيد ذلك فهذا على أنواع :
النوع الأول : ما أبهمه في محل وفسره في محل آخر.
مثاله : من هم الذين أنعم الله عليهم في قوله تعالى :﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صراط الذين أنعمت عليهم ﴾ [الفاتحة: ٦-٧] ؟ أبهمه هنا وفسره في موضع آخر، فقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) [النساء: ٦٩].
من هم المغضوب عليهم ومن هم الضالون ؟ فسره الرسول - ﷺ - بقوله :«اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضُلاَّل».
حكم هذا النوع : هذا النوع يُطلب بيانه والعلم به.
ولماذا أُبهم في موضع وبُيِّن في آخر؟
لشحذ الهمم للبحث والنظر وهو من أوجه التفسير، فتارة يكون من باب تفسير القرآن بالقرآن، وتارة يكون من باب تفسير القرآن بالسنة، وتارة يكون من باب تفسير القرآن بقول الصحابي. وفائدة هذا التشويق أن المعلومة بعده تكون أرسخ في ذهن من طلبها. مثلاً: لو قلت لك: اسلك صراط المُنعم عليهم. ولم أخبرك بهم، وأنت تعلم أنّهم مذكورون في كتاب معين فراجعته، حينها لا يمكن أن تنسى هذه المعلومة بخلاف مالو أخبرتك بها ابتداءً.
النوع الثاني : ما أبهمه الله سبحانه وتعالى، أو أبهمه الرسول - ﷺ - بقصد الستر.
مثاله : قوله تعالى :{ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ﴾
[الأحقاف: من الآية]، فهذا أبهمه الله تعالى فلم يبين من هو بقصد الستر، والله حييٌّ ستير يحب السَّترَ ويحب الحياء كما أخرج أبو داود عن نبينا وحبينا رسول الله - ﷺ -.


الصفحة التالية
Icon