زيدٌ من الناس يعتقد عقيدة باطلة، ماذا سيصنع؟ سيحاول أن يوجد لها أدلة من القرآن، وبالتالي سيلوي أعناق النصوص لتوافق عقيدته الباطلة. ولهذا تجد أهل البدع لهم أدلة قرآنية، ليس لأن القرآن يدل عليها، بل لأنهم أخضعوها لعقيدتهم وحرفوا مدلولها. ولهذا استدل قبل أن تعتقد والزم الأمر العتيق، فكل خير في اتباع من سلف، وكلُّ شرٍّ في ابتداع من خلف. تجد بكراً ينكر صفات الله؟ لماذا؟ يقول : لأن الله قال :﴿ ليس كمثله شيءٌ ﴾.. سبحان الله! أولا يسوغ أن نثبت ما أثبته الله لنفسه بلا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تأويل ولا تفويض؟ الجواب : بلى. ولهذا لما نفى الله عن نفسه المثل قال :﴿ وهو السميع البصير ﴾، فنثبت صفات الله بلا تشبيه، وننزه الله بلا تعطيل.
الجهة الثانية : أن يفسر القرآن – وليس عنده اعتقاد سابق- ولكن يقول بما يدل عليه اللفظ بقطع النظر عن المتكلم به، والمنزل عليه، والمخاطب به!
والكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به، وبحسب المخاطب كذلك؟ ولعلك أيها المستمع الكريم تريد دليلاً على ذلك، وسأذكره لك إن شاء الله..
أرأيت لو ذهب رجلان إلى عمرو، أحدهما عف اللسان كريم الأخلاق، والثاني بذيء عربيد سيء الخلق، فقال له سيء الخلق: (أنت مجرم) قالها لعمرو. والثاني قال له ذات الكلمة؟ ممن سينزعج عمرو؟ لا شكَّ أنه سينزعج من ذي الأخلاق الفاضلة؛ فالأول بذاءة اللسان طبع فيه ولهذا لن يتأثر به. فهذا يدل على أنّ الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به، ولذا عدّ إبراهيم ما قاله واعتذر بسببه عن الشفاعة لأهل الموقف كذباً مع أنّها كلمات في ذات الله كما قال رسول الله - ﷺ -. ولو كانت من غيره لجعلها أرجى أعماله، فصلوات الله وسلامه عليه، وليس هذا مما يستغرب فإنه خليل الله.