ويختلف معنى الكلام بحسب المخاطب به. فلفظ واحد إذا توهت به لعمرو أفاد معنىً لم يفده ما لو توجهت به إلى زيد.. مثلاً : كلمة (رجيل) كما مثل الشارح رحمه الله، هي تصغير لكلمة رجل يعني تقال بمعنى كدت أن تصبح رجلاً ولمَّا. لو قلتها لصبي كان مدحاً، ولو قلتها لرجل كبير راشد لكانت قدحاً وذماً وعيباً.
فالمهم أراد الشيخ أنّ من الخطأ أن نفسر القرآن بالكلمة والمعنى دون النظر في قرائن الأحوال والمتكلم والمخاطب.
يمكن أن تتعرف على أهمية هذه القاعدة هنا من خلال المثال التالي، قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾، فالذي يتكلم دون مراعاة تلك الأشياء يمكن أن يقول : إن المسجد مجرور بالعطف على الضمير المجرور في به. يعني من صنائع المشركين أنهم كفروا بالله وبالمسجد الحرام. اللغة العربية وقواعدها تسعف هذا القول، لكن عند التأمل والنظر يتضح أنّ المعنى : أكبر من قتل المسلمين في الشهر الحرام كفر الكافرين، وصدهم عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام. انظر كيف تغير المعنى.
مثال آخر : قال تعالى :﴿ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ﴾. من جعل القرآن كالمعلقات الشعرية قال : الواو في ﴿ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ﴾ واو القسم ! زاد المسير - (ج ٢ / ص ١٤٩) والأظهر – وحكاه ابن كثير- أنه منصوبٌ على المدح، فالمعنى : اذكر المقيمين الصلاة، وهم المؤتون الزكاة. وأنشدوا : النازلين بكلِّ معترَكٍ".