وذكر الشيخ رحمه الله بعض التفاسير للمعتزلة، مثلَ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَيسان الْأَصَمِّ، وَمِثْلَ كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ الجُبَّائي، وَالتَّفْسِيرَ الْكَبِيرِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَد الهمذاني، والجامع لعلم القرآن لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرُّمَّانِيِّ، وَالْكَشَّافِ للزمخشري؛فَهَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُمْ اعْتَقَدُوا مَذَاهِبَ الْمُعْتَزِلَةِ.
كتاب الكَشاف هذا معروف متداول، لكن إذا لم يكن للإنسان علم بمذهب الاعتزال، وما عليه أهل السنة لضلّ، لهذا ينبغي على الإنسان أن يكون على حذر عند قراءته، لأنه يدس مذهبه في تفسيره بطرق خفية.. أعطيك مثالاً، في قول الله تعالى :﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾، قال الزمخشري:" حصل له الفوز المطلق، المتناولُ لكل ما يُفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الله والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلَّد". قد تبدوا العبارة صحيحة، ولكن الأمر ليس كذلك؛ لأنه ينكر فوزاً عظيماً، لا أعظم منه، وهو النظر إلى وجه الله تعالى، الذي كان يسأله نبينا - ﷺ -، أسأل الله ألاَّ يحرمَنا لذة النظر إلى وجهه. أما إذا تكلم في البلاغة والعربية فهو إمام.
ثم استطرد الشيخ في ذكر أصول مذهب الاعتزال.. قال رحمه الله :" وَأُصُولُ الْمُعْتَزِلَةِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا هُمْ : التَّوْحِيدُ وَالْعَدْلُ وَالْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ.
لو قرأت هذه الأصول لأول مرة لقلت ما شاء الله إنهم لهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، ولكن.. تمهّل.. على رسلك، حتى تعلم من القوم!