يا معتزلة ما تقصدون بالتوحيد.. فكلنا يقول : من لم يحقق التوحيد لم تنفعه عبادة ولو فعل ما فعل من الخيرات والحسنات، إذا لم يحقق التوحيد وألمّ بشيء من الشرك كدعاء غير الله لم ينفعه ذلك، فما هو التوحيد عند المعتزلة ؟ هو عدم إثبات الصفات، يقولون: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، عليم بلا علم.. تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
ما هو العدل عندهم ؟ أن الله لم يخلق أفعال العباد، ولم يشأ ذلك منهم. لم يُرد إلا ما أمر به شرعاً، وما سوى ذلك فليس بمرادٍ له، والرد عليهم ليس موضوع برنامجنا، ولو فرّقوا بين الإرادة الشرعية والقدرية لما وقعوا في مثل هذا الخلل والخطل.
ويقولون في مرتكب الكبيرة هو في منزلة بين المنزلتين، ولكنه في الآخرة مخلَّد في النار ولا تنفعه شفاعة الشافعين، هذا إنفاذ الوعيد. وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقيقته عندهم : الأمر بالإنكار على السلطان والحث على الخروج عليه ورفع السيف، قال شيخ الإسلام في موضع آخر: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : يتضمن عندهم جواز الخروج على الأئمة، وقتالهم بالسيف" وهذا مخالف لما أجمع عليه أهل السنة من حرمة الخروج على ولاة الأمر.
هذا باختصار، وهذا منهجي في شرح هذه المقدِّمة، ما كان فيها من استطراد فإنني لن أقفَ عنده طويلاً. والمقصود من كل هذا الاستطراد أنّ أهل البدع يعتقدون ثم يحملون القرآن على رأيهم، والقرآن يقود ولا يُقاد، يسوق ولا يُساق، يهدي ولا يُضل. هذا ما أرد الشيخ أن يقرره وركز عليه.
سؤال مهم.. لماذا التركيز على هذه المسألة ؟
الجواب : لكثرة البدع وسرعةِ انتشارها في الأمة، ولا شكّ أن كل صاحب بدعة يريد أن يُخضع النصوص القرآنية لتكون دالة على بدعته التي دان بها.
وذكر الشيخ أمثلةً لبعض أهل البدع الذين فسروا القرآن بأهوائهم.. قال رحمه الله :


الصفحة التالية
Icon