التسوية في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ ﴾ [النساء: ٤٢]، ما معنى لو تُسوى بهم الأرض؟ المعنى: يودّون لو كانوا تراباً وجُعِلوا مع الأرض سواءً، ويوضح هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً ﴾ [النبأ: ٤٠].
هذه أمثلة للمصطلح الأول الدقيق لمعنى تفسير القرآن بالقرآن.
لكن لو قلنا بالمصطلح الثاني المتوسع الذي يعدُّ كل استفادة من آيات القرآن؛ كالاستشهاد أو الاستدلال بها يكون داخلاً ضمن تفسير القرآن بالقرآن.. فهذا يشمل أنواعاً كثيرةً.. منها :
النوع الأول :
الجمع بين ما يتوهم أنّه مختلف.
هذا جعله المتوسعون في التطبيق للتعريف من تفسير القرآن بالقرآن..
مثلاً أسند الله الوفاة إلى ملك الموت فقال :﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ﴾ -وهنا تنبيه أنه يجب علينا أن نتأدب بأدب القرآن وأن نسميه ملك الموت، ولا يصح تسميته بعزرائيل، لن تجد نصاً واحداً صحيحاً سُمي فيه ملك الموت بعزرائيل- ففي الآية آنفة الذكر أسند الوفاة لملك الموت، وأسندها إلى الملائكة فقال :﴿ حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ﴾، وأسندها غلى نفسه سبحانه فقال :﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾.. ولا تعارض.. فأسندها لملك الموت لأنه يباشر قبض الأرواح، وأسندها إلى الملائكة لأنهم أعوانه إذا خرجت أخذوها منه ولم يدعوها عنده طرفة عين كما قال - ﷺ -، وأسندها إليه لأن ذلك وغيره لا يحدث إلا بإذنه سبحانه.
نوع ثاني :
ذكر تتمات القصة الواحدة.
مثلاً قال تعالى :﴿ إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ ﴾ [طه: ٤٠]، ورد في سورة القصص ثلاثةُ أمور لم ترد في هذه الآية، وهي:


الصفحة التالية
Icon