والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب وما يتقوّون به على جهاد عدوه وعدوهم من المشركين، من السلاح والرمي وغير ذلك، ورباط الخيل، ولا وجه لأن يقال: عُني بـ "القوة"، معنى دون معنى من معاني "القوة"، وقد عمَّ الله الأمر بها.
فإن قال قائل: فإن رسول الله - ﷺ - قد بيَّن أن ذلك مرادٌ به الخصوص بقوله: "ألا إن القوة الرمي" قيل له: إن الخبر، وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر ما يدلّ على أنه مرادٌ بها الرمي خاصة، دون سائر معاني القوة عليهم، فإن الرمي أحد معاني القوة، لأنه إنما قيل في الخبر: "ألا إن القوة الرمي"، ولم يقل: دون غيرها"[المجلد الرابع عشر، صفحة سبع وثلاثين].
مثال آخر : من الأساليب التي أصلها لنا نبينا - ﷺ - بتفسيره للقرآن: مسألة تفسير القرآن بالقرآن.
قال تعالى :﴿ َوَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ﴾ [سورة الأنعام]، قال النبي - ﷺ - :«مفاتح الغيب خمس: ﴿ إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [لقمان] [أخرجه البخاري].
ومن العجائب أنّ النبي - ﷺ - فسر آيتين في الأنعام بآيتين في لقمان. الأولى هذه التي سبق ذكرها، والثانية :{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ﴾
، فسرها بآية لقمان :﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾.


الصفحة التالية
Icon