من الأمثلة كذلك : قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحنُ نُحيِي المَوتَى وَنَكتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُم ﴾ [يس: ١٢]، فمن الآثار التي تُكتب خطى الإنسان إلى المسجد ذهابًا وإيابًا.
هذا المعنى ثابت في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - فَقَالَ لَهُمْ :«إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ»؟ قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ :«يَا بَنِي سَلِمَةَ؛ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ» [أخرجه مسلم]. دياركم بنصبها على الإغراء، أي : الزموا دياركم وابقوا فيها. وكأنه - ﷺ - كره أن يُخْلُوا أنحاء المدينة، وأحب أن يكون أهل الخير منتشرين في البلد، ولا يكونون موجودين فقط حول المسجد، وتخلو بقية الأحياء عنهم.
الثالث : البيان الفعلي.
وقد سأل سعد بن هِشام عائشة رضي الله عنها عن خلقه - ﷺ - فقالت: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ : بَلَى. قَالَتْ : فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ - ﷺ - كَانَ الْقُرْآنَ" [أخرجه مسلم].
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : كان رسول الله - ﷺ - يَنْزِلُ عليه الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا" [أخرجه البخاري ومسلم]. وهذا مما يجلي لنا أهمية دراسة السيرة النبوية.
ومن أمثلة أعمال الرسول - ﷺ - التي هي تفسير للقرآن:
أولاً : صلاته عليه الصلاة والسلام، فقد صلَّى وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» [أخرجه البخاري]، فأفعاله في الصلاة تفسير لقول الله :﴿ وأقيموا الصلاة ﴾.


الصفحة التالية
Icon