ويصدق فيه ما قاله الشاعر الدكتور العشماوي وفقه الله في غيره :
أنت حبر.. بحر.. ربح.. حرب.. كيف قلبتها إليك تؤول.
نال هذا العلمَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - لَهُ حَيْثُ قَالَ :«اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ». ولهذا قال عنه ابن مسعود - رضي الله عنه - :" نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ". ما أجملها من تزكية.. الصحابة لم يكونوا مثلنا.. ما كانوا يعرفون الحسد، ويعترفون بالفضل لبعضهم. فرضي الله عنهم وحشرنا معهم.
قال شيخ الإسلام : وابْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - مات فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَمَّرَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَمَا ظَنُّك بِمَا كَسَبَهُ مِنْ الْعُلُومِ بَعْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ؟
عَنْ أَبِي وَائِلٍ قال : اسْتَخْلَفَ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْمَوْسِمِ – يعني موسم الحج - فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَرَأَ فِي خُطْبَتِهِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ - وَفِي رِوَايَةٍ فقرأ سُورَةَ النُّور - فَفَسَّرَهَا تَفْسِيرًا لَوْ سَمِعَتْهُ الرُّومُ وَالتُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ لَأَسْلَمُوا.
ولابد أن يكون هذا حالهم، فإنما اختارهم الله لنصرة دينه، قال النبي - ﷺ - :«إنّ الله اختار أصحابي على الثقلين» [أخرجه البزار]. اختار واصطفاهم لنصرة دينه، فحفظ الله بهم الإسلام، والقرآن، وتفسير القرآن. وقال تعالى :﴿ قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ﴾ قال ابن عباس: أي الصحابة. قوم اصطفاهم الله ليتقوى بهم رسول الله - ﷺ -، وليتعلموا منه تأويل القرآن حتى يبلغوه الناس. وإني لأجتر نفسي اجتراراً لئلا أستطر في الحديث عنهم ؛ لأن الحديث عنهم عذب ماتع شيق. فرضي الله عنهم.