يقول الشاطبي ـ في بيان أهمية معرفة الأحوال في التفسير ـ: "ومن ذلك: معرفةُ عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل، وإن لم يكن ثَمّ سبب خاص، لا بدّ لمن أراد الخوض في علم القرآن منه، وإلا وقع في الشّبه والإشكالات التي يتعذّر الخروج منها إلا بهذه المعرفة" [الموافقات مج الثالث، صفحة تسع وعشرين ومائتين].
وتأمل هذا المثال الذي يدل على ما قرره ذاك الإمام رحمه الله..
ثبت في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ – يعني الاتجار في الحج – فَنَزَلَتْ ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾،
فكان ابن عباس يقرأ :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ في الحج.
ومن الأمثلة أيضاً : ما ثبت في الصحيحين، عن عُرْوَةَ - رضي الله عنه - قال : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ لَهَا : أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾. فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ؟