ليكون معها، ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت ؛ فأمسكته بثوبه وقالت اضطجع معي، فترك ثوبه في يدها وهرب إلى الخارج، ثم إنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلةً : انظروا قد جاء إلينا برجل عبراني يداعينا، دخل إليَّ ليضطجع معي فصرخت بصوتٍ عظيم " (١).
في ضوء هذه المقارنة في مشهد من المشاهد المشتركة بين القرآن الكريم والتوراة التي تّدَخَّلَ في نصوصها الأحبار ؛ فيتبين ويتضح لنا أن الابتكار في القصة ليس في خلق موضوع جديد لم يسبق إليه ؛ فقد يكون مألوفاً لدى الناس أو لدى طائفة منهم ؛ ولكن بما يشيع فيه الفن من آيات إبداعه، ويسكب فيه من روحه، وقد كان الفرق جلياً واضحاً سواء في المدخل إلى هذه القصة أو في أسلوب عرض الأحداث، أو في الأحداث نفسها.
إن القرآن يضع القصة في إطار ديني، تنفذ معه أشعة روحية إلى النفوس ببيان العبرة الأخلاقية والتربوية التي من أجلها أنزل الله القصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح ص ٢٣٦
بعض الدلالات النفسية في قصة يوسف عليه السلام.
إن قصة يوسف عليه السلام في القرآن هي قصة الشخصية والأحداث معاً؛ فهي لا تسجل واقعاً فحسب، بل تنتصر للقيم الإنسانية الجديرة بالخلود، إنا تنتصر للإيمان وللصبر وللعفاف وللأمانة وللإخلاص والطهر، وقد قام بالأدوار فيها شخصيات متباينة في السن، وفي المكانة الاجتماعية، ولكلٍ منها طابعها الخاص وفق التربية والتجارب التي مرت بكل منها؛كالبراءة والحكمة والحسد والعلم (١)