إن من المعروف عن سمات القصص القرآني ظاهرة التكرار ؛ وهو أن تتكرر القصة في أكثر من موضع من القرآن، كما في قصة موسى عليه السلام، وقصة نوح عليه السلام وغيرهم من الأنبياء، ولكن نجد أن قصة يوسف عليه السلام لم تتكرر في أي موضع من القرآن ؛ فقد جاءت في موضع واحد، وهنا يطرح السؤال نفسه: ماالحكمة في عدم تكرار قصة يوسف عليه السلام، وسوقها مساقاً واحداً في موضع واحد دون غيرها من القصص؟، والحكمة في عدم تكرارها كما يراها بعض علمائنا الأجلاء تتجلى فيما يلي: فيها من تشبيب لنسوة بيوسف عليه السلام، وتضمنها أخباراً عن حال امرأة ونسوة افتتن بأروع الناس جمالاً، وأرفعهم منالاً، فناسب عدم تكرار ما فيها من الإغضاء والستر عن ذلك ؛ ولأنها اختصت بحصول الفرج بعد الشدة، بخلاف غيرها من القصص ؛ فإن مآلها إلى الوبال كقصة نوح وهود وقوم صالح عليهم السلام وغيرهم ؛ فلما اختصت بذلك اتفقت الدواعي على نقلها لخروجها عن سمات القصص.
وفي عدم تكرارها إشارة إلى عجز العرب، كأن النبي ﷺ قال لهم : إن كان من تلقاء نفسي تصديره على الفصاحة فافعلوا في قصة يوسف ما فعلت في قصص سائر الأنبياء (١)، وثمة أمر آخر وهو أن سورة يوسف نزلت بسبب طلب الصحابة أن يقص عليهم، فقد روي الواحدي والطبري يزيد أحدهماعلى الآخر عن سعد بن أبي وقاص أنه قال : أُنزل القرآن فتلاه رسول الله ﷺ على أصحابه زماناً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- صفوة التفاسير: محمد علي الصابوني. بيروت، دار القرآن الكريم، ص ٥٢