يقص الله تعالى قصة يوسف وأخوته ؛ فالقصص الحسن هنا ليس الرواية المتخيلة من الواقع وليست الرواية المصنوعة بمحاكات الواقع، إنما هي التاريخ والخبر وحقيقة ما كان، إنه مشاهد التاريخ في حركةٍ وصورٍ وأصواتٍ، ونجد أن البطل الحقيقي في القصص القرآني ليس هذا الإنسان بذاته الذي تدور به أو من حوله أحداث الخبر ؛ فالبطل هو القانون التاريخي المرتبط بعقيدة الإنسان وأخلاقه وسلوكه، والبطل هو هذا القانون الذي تظهر نتائجه في أقوال وأفعال الإنسان المؤمن أو الكافر في الجماعة التي يعبر عنها أو التي يعارضها ؛ فالبطل مثلاً ليس يعقوب عليه السلام وأولاده، إنما هو "الهداية" في يعقوب عليه السلام و" الحسد " في أولاده، والبطل أيضاً ليس يوسف عليه السلام وامرأة العزيز ؛ بل هو " الطهارة والأمانة " في يوسف عليه السلام، و"الشهوة" في امرأة العزيز، وهكذا في مختلف المواقف يكون الإنسان
بهداية الإيمان أو بضلالة الكفر رمزاً لقانون يحكم(٣)، وعلى ما مضى يتضح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح: أحمد موسى سالم، بيروت، دارالجيل، دت ص٢١١
٢- يوسف ٣
٣- قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح : أحمد موسى سالم، ص ٢١٢
أن الإنسان في قصص القرآن لم يكن شيئاً مذكوراً من أجل استعراض آلاف الاحتمالات المتخيلة لقوته أو لضعفه ؛ بل هو إنسان مذكور داخل جماعته يحمل قيماً ومبادئ، ونرى أن الأسوة لغيره، وهو القدوة لمن يقتدي به ؛ لأنه أعطى قانون البرهان العقلي (١).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- يوسف في القرآن : أحمد ماهر، الإسكندرية، ١٩٧١م، ص٩٥
مقاصد وأغراض القصص القرآني.
ليس ثمة حجة لإنكار أن في القصص القرآني توجيهات دينية لكل ما جاء به