والخوض في كتاب الله ورسله وصفاته بغير علم يعد جهلا وكفرا، لأن الهزل أخو الباطل والجهل، والإيمان يتطلب الأدب والعلم وتعظيم الله وآياته وأنبيائه.
ولا يقتصر الكفر على القلب، وإنما يشمل الأقوال والأفعال المكفرة. وإذا كان المنافقون كفارا قبل نزول هذه الآيات بسبب نفاقهم، فإن استهزاءهم كفر بعد كفر لأن الكفر يتجدد، وقد كفروا بعد أن كانوا مؤمنين في الظاهر.
ولا طريق للمنافقين لإصلاح شأنهم إلا بالتوبة الشاملة من النفاق، والتوبة عن الكفر أو النفاق مقبولة في كل وقت، فمن تاب عفي عنه، ومن أصر على الكفر أو النفاق عوقب في جهنم. وهذا أمر من أساسيات العقيدة، فلا يصح الهزل أو الهزء في قضايا العقائد، ومثل ذلك في العقود الزواج والطلاق،
لقول النبي صلّى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود والترمذي والدارقطني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة».
أما الهزل في بقية العقود كالبيع والإجارة والشركة فلا يترتب عليه أثر، ولا ينعقد العقد في حال الهزل.
المنافقون قوم هدامون لبنية المجتمع
لم يقتصر سوء خلق المنافقين على أنفسهم وتكوينهم القبيح، وإنما تعدى ضررهم وقبح أخلاقهم إلى المجتمع، بقصد هدم بنيته وتقويض وجوده من طريق ترويج الرذيلة والمنكر، ومحاربة الفضيلة والمعروف، وهذا يشبه اتجاه بعض الحركات الهدامة المعاصرة، كالصهيونية في (بروتوكولات حكماء صهيون). ولا شك بأن الضرر العام أسوأ أثرا من الضرر الخاص، قال الله تعالى مبينا تحركات المنافقين في هدم القيم الإنسانية:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦٧ الى ٧٠]
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٦٧) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٩) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠)