وما كان الله ليهلك أولئك الأقوام ظلما وجورا، ولكن كانوا يظلمون أنفسهم بسبب أفعالهم القبيحة وتكذيبهم الرسل، ومخالفة الحق، والعمل بالباطل.
والخلاصة: إن المنافقين يعملون على هدم قيم المجتمع، ويعادون الحضارة الإنسانية، فاستحقوا التدمير والمحق من الوجود، والعذاب في الآخرة.
المؤمنون بناة المجتمع الفاضل
بعد أن أبان الله تعالى صفات المنافقين والمنافقات، وأنهم هدامون لبنية المجتمع، وأعداء للحضارة الإنسانية الرشيدة، أعقب ذلك ببيان صفات المؤمنين والمؤمنات، وأنهم بناة المدنية والمجتمع المتحضر الفاضل، وعمار الكون وذوو الأهلية لإعلاء مجد الحضارة من الناحيتين المادية والمعنوية، وذلك لأنهم يشيدون صرح الفضيلة، ويقاومون الرذيلة، فاستحقوا البقاء والخلود في جنان الخلد، قال الله تعالى مبينا هذه الصفات الحميدة:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧١ الى ٧٢]
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
[التوبة: ٩/ ٧١- ٧٢].
هذه هي صفات أهل الإيمان، إنها صفات إيجابية سامية، تخدم الفرد والجماعة، والأمة والمجتمع، ذكرها الله تعالى ترغيبا في الإيمان، وتنشيطا له، تلطفا من الله تعالى، مع مقارنة واضحة بين المؤمنين والمنافقين، فبين المؤمنين ولاية في الله خاصة ومناصرة لمبدأ الحق والعدل والفضيلة، وتعاون فيما بينهم وجزاؤهم الجنة، وأما