لا بالخير والإحسان، ولا بالشر والانتقام، فتراهم إذا أنعم الله عليهم ورحمهم، تمادوا في طغيانهم، ولو كشف الله ما بهم من ضر، أي قحط وجوع، لتمادوا في ضلالهم أيضا، ولقد تعرضوا للعذاب بالجوع والمرض والحاجة، فما خضعوا لربهم وما خشعوا له، وما تضرعوا بالدعاء لله تعالى في الشدائد التي تصيبهم، إنهم قوم متمردون، وأناس مستبدون، وقوم مصرون على الكفر والشرك والضلال، فلا غرابة إن عذّبوا أشد العذاب.
التذكير بالنعم الإلهية
تتعدد الأساليب التربوية التي انتهجها القرآن الكريم في حمل الناس على الإيمان بالله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام والأوثان، وتتكرر بين حين وآخر المذكّرات بألوان النعم التي هي في الوقت نفسه دليل باهر على عظيم قدرة الله تعالى، وأن هذه القدرة لا يعظم عنها أمر البعث، وجمع المخلوقات في محشر واحد، للحساب والجزاء، ونصب ميزان العدالة المطلق بين الناس جميعا، من غير بخس ولا زيادة، ولا حرص على العذاب والانتقام، وإنما من أجل إحقاق الحق، وإبطال الباطل، قال الله تعالى في تعداد نعمه على الناس وموقف الناس منها، وإنكارهم قدرة الله على البعث:
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٧٨ الى ٨٣]
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢)
لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣)
«١»

(١) خلقكم.


الصفحة التالية
Icon