تمتّع الكفار بالدّنيا وشكّهم بالقرآن
إن أهم سبب لبعد الكفار عن الإيمان بالقرآن ونبي الإسلام: إنما هو حبّ الدنيا وزخارفها، والحرص على المصالح المادّية فيها، واتّباع الأهواء، وحبّ النّفوذ والتّسلّط، وفي دائرة التأثّر بهذا السبب تتعدد أساليب الإنكار والطعن بالقرآن، وكلها في الواقع في نظر الطاعن غير مقنعة ولا مقبولة، ولكن ذلك وسيلة الهروب من المواجهة في تحدّي القرآن ونبيّه. وسرعان ما ينكشف الأمر، ويفاجأ الطاعن بالمصير المشؤوم، بعد تمتّعه بنعم الدنيا مدة قصيرة من الزمان، وهذا ما أطلعنا عليه القرآن الكريم في الآيات الآتية:
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٥ الى ٢١٢]
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩)
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)
«١» [الشّعراء: ٢٦/ ٢٠٥- ٢١٢].
هذه دعوة سريعة في هذه السورة إلى توبيخ قريش على استعجالهم عذاب الله تعالى في طلبهم سقوط السماء كسفا وغير ذلك، وقولهم لمحمد صلّى الله عليه وسلّم: أين ما تعدنا؟ أي أنه لا ينبغي لهم ذلك، لأن عذابنا بالمرصاد ينتظرهم إذا حان حينه. ثم خاطب الله تعالى محمدا صلّى الله عليه وسلّم بإقامة الحجة عليهم في أن مدة الإرجاء والإمهال لا يعني منع نزول العذاب بعدها ووقوع النقمة، وذلك في هذه الآيات.
ومعناها: لو طال نزول العذاب وتمتّع كفار قريش بنعم الدنيا طوال سنين، ثم جاءهم العذاب الموعود به فجأة، فلا يجدي عنهم أي شيء، ولا ما كانوا فيه من