نعم الله على لوط ويونس عليهما السّلام
الفضل الإلهي ذو معيار ثابت واحد، فكما أنعم الله تعالى في آيات سابقة من سورة الصافات على موسى وهارون وإلياس عليهم السّلام، أنعم أيضا على لوط ويونس عليهما السّلام، من إنجاء لوط وأهله إلا امرأته من العذاب، وتدمير بقية القوم، وإخراج يونس حيا من بطن الحوت، وحمايته من هضمه، وإنبات شجرة يقطين عليه يحتمي بأوراقها العريضة، وتسخير سبيل إعادة القوة والصحة له، وذلك كله للعظة والعبرة، قال الله تعالى مبينا هذه النعم:
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٣٣ الى ١٤٨]
وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧)
وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨) وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢)
فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)
فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)
«١» «٢» «٣» [الصافات: ٣٧/ ١٣٣- ١٤٨].
إن إيراد بعض قصص الأنبياء السابقين من أجل أن يعتبر بها مشركو العرب وقت نزول الوحي، وكذا كل من كفر وعاند ممن يأتي بعدهم، فإن الذين أمعنوا في الكفر بادوا وهلكوا، وبقي الذين آمنوا. إن لوطا ابن أخي إبراهيم أو ابن أخته أرسله الله من جملة المرسلين إلى أهل سدوم في وادي الأردن، لارتكابهم الفواحش، فنصحهم، فأبوا نصحه، فأهلكهم الله بحاصب من الحجارة المحرقة كالبراكين العاتية، فجعل بلادهم عاليها سافلها، ونجى الله تعالى لوطا عليه السّلام وأهله المؤمنين به إلا امرأته

(١) أي الباقين في العذاب.
(٢) هرب بلا إذن إلى السفينة المملوءة.
(٣) أي فاقترع فكان يونس من المغلوبين.


الصفحة التالية
Icon