يجده في قصتي داود وسليمان عليهما السّلام من عبر وعظات، فإنهما جمعا بين الملك العظيم في الدنيا، والنبوة والرسالة، ولم يمنعهما ذلك الملك من شكر الله وعبادته وطاعته، فهل لقريش وغيرها من الزعامات أن يجدوا في هذه القصة ما يحملهم على شكر المنعم، وعبادته؟ قال الله تعالى:
[سورة ص (٣٨) : الآيات ٣٠ الى ٤٠]
وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤)
قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩)
وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)
«١» «٢» [ص: ٣٨/ ٣٠- ٤٠].
وهب الله تعالى سليمان ولدا لداود عليهما السّلام، وأثنى عليه بأوصاف من المدح تضمنها قوله تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ والهبة والعطية بمعنى واحد، والمعنى: لقد أعطينا داود ابنا نبيا وهو سليمان، وهو عبد الله صالح، لأنه رجّاع إلى الله تواب، كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله عز وجل في أكثر الأوقات. وذكر الله تعالى واقعتين لسليمان من وقائع توبته.
الأولى- قصة عرض الخيل عليه. والمعنى: اذكر أيها الرسول محمد مادحا حين عرض على سليمان عليه السّلام في مملكته وسلطانه بعد العصر آخر النهار الخيول (الجياد) القائمات على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة «٣»، وهي آلاف تركها له
(٢) أي القيود والأغلال.
(٣) وهذه علامة الفراهة أي النشاط والحيوية مع الجمال وحسن المنظر.