من وجب عليه قرار العذاب، ولا تتمكن من إنقاذه من النار. لكن أولئك الذين اتقوا عذاب ربهم بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، لهم في الجنة غرف مبنية محكمة البناء، تجري من تحت تلك الغرف والقصور أنهار عذبة الماء، وذلك وعد محقق من الله تنفيذه، ووعد الله حق ثابت، لا نقض فيه ولا رجوع عنه.
حال الدنيا الفانية وتوجيه الهداية
رغّب القرآن الكريم بالآخرة لخلودها ونعيمها التام، ونفّر من الدنيا لفنائها وسرعة زوالها، فهي أشبه بزرع اخضّر بماء السماء، ثم اصفر وتهشم، وأوضح القرآن سبيل الهداية للدين الحق والنور الإسلامي، فمن استضاء قلبه بالإسلام، فهو على نور من ربه، ومن استنار بتعاليم القرآن، ولأن جلده وقلبه لذكر الله تعالى، فهو على طريق مستقيم. ومن أعرض عن هدي القرآن، وانغمس في المعاصي والمنكرات، فقد عرّض نفسه لسوء العذاب، واستحقاق الخزي في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى واصفا أحوال الدنيا وحال انشراح الصدر بالقرآن:
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٢١ الى ٢٦]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥)
فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦)
«١»