مهيمنا على شهواته، يعمل الخير حبا فيه، ويبتعد عن الشر كرها فيه لذاته، وطبع الإنسان غريب، لا يمل من طلب الخير، وييأس ويقنط من رحمة الله إن أصابه شر.
وفي حال النعمة والترف يبتعد عن الله تعالى الذي أمده بالنعم، ويهمل شكر ربه المنعم، ويزعم أن له المكان الحسن عند الله في الآخرة، وإذا أصابه الشر، أقبل على الدعاء، والتضرع لله سبحانه، وإذا تعرض لخير نسي الله ونأى عنه، فهو دائم الطمع، كثير التبدل والتغير، لا يستقر على حال، ولا يثبت على مبدأ، ولا وفاء عنده لمعروف، قال الله تعالى مبينا ذلك كله:
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٧ الى ٥١]
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨) لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [فصلت: ٤١/ ٤٧- ٥١].
المعنى: إن علم وقت القيامة ومجيئها، يردّه كل مؤمن متكلّم فيه إلى الله عز وجل، لذا كان جواب النبي صلّى الله عليه وسلّم لجبريل عليه السّلام،
في الحديث الصحيح المتفق عليه، عن عمر رضي الله عنه: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل».
وفي حديث آخر ثابت: «مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: (إن الله عنده علم الساعة..) ».
الحديث، وهو وارد في آية: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [لقمان: ٣١/ ٣٤].
(٢) أخبرناك وأعلمناك.
(٣) ليس منا أحد يشهد أو شهد بأن لله شريكا.
(٤) أي من مهرب من العذاب.
(٥) أي شديد صعب.
(٦) أي طويل.