أول واجب على العبد
قال المصنف رحمه الله: [وقوله: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ [طه: ١٣] أي: اسمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ [طه: ١٤] هذا أول واجب على المكلفين أن يعلموا أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له].
إن أعظم وأول واجب المكلف هو توحيد الله عز وجل، وهو: أن يعلموا أنه لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله، ولهذا أول واجب بدأ الله به بوحيه إلى موسى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤] فلا إله إلا الله معناه: لا معبود بحق إلا الله، فهو أول واجب وآخر واجب، فأول ما يدخل به في الإسلام كلمة التوحيد، وآخر ما يخرج به من الدنيا: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله).
وهذا أول واجب على المكلف خلافاً لأهل البدع القائلين: إن أول واجب هو الشك فتشك فيما حولك، ثم تنتقل من الشك إلى التوحيد واليقين.
وبعضهم يقول: أول واجب هو النظر والتأمل.
وبعضهم يقول: أول واجب هو: القصد إلى النظر فهذه ثلاثة أقوال لأهل البدع، وهي باطلة، وإنما الصحيح أن أول واجب هو توحيد الله عز وجل كما قال الله لموسى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤] وهو الغاية من بعثة الرسل عليهم السلام: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥].
قال المصنف رحمه الله: [وقوله: ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤] أي وحدني وقم بعبادتي من غير شريك ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] قيل: معناه: صلّ لتذكرني.
وقيل: معناه وأقم الصلاة عند ذكرك لي، ويشهد لهذا الثاني ما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله ﷺ قال: (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤])، وفي الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)].


الصفحة التالية
Icon