ولقد نجحت الحركة الإسلامية في إدارة حملتها الانتخابية، وتميزت بأسلوبها المنظم الذي لم يشهد له الأردن مثيلاً، وذلك بسبب قدراتها التنظيمية، ولكونها مثلت تطلعات المسلمين في الأردن المتعطشين إلى استئناف حياة إسلامية، وكانت الحركات الإسلامية في الأردن هي التكتل الوحيد الذي أعلن عن ترشيح قائمة تحتوي على أسماء سبعة وعشرين مرشحًا، طلبت من الأمة التصويت لهم جميعًا، وقد ضمنت برنامجها الانتخابي في كتيب وزعته في جميع أنحاء البلاد، اشتمل بالإضافة إلى البرنامج الانتخابي على أسماء المرشحين وصورهم.
فازت الحركة باثنين وعشرين مقعدًا من مقاعد مجلس النواب الأردني الثمانين، كما تمخضت النتيجة عن نجاح ما لا يقل عن عشرة مرشحين آخرين من الإسلاميين المستقلين، ونظرًا لأن مرشحي الحركة كانوا يشكلون أكبر كتلة داخل البرلمان الأردني، فقد اتصل رئيس الوزراء المكلف من قبل الملك بتشكيل الحكومة، وبعد مفاوضات جرت بين رئيس الوزراء والكتلة البرلمانية للحركة، اعتذرت الحركة عن الاشتراك في الحكومة، لأن رئيس الوزراء لم يستجب لمطالبها بتخصيص سبع حقائب وزارية للحركة تشتمل على حقيبة وزارة التعليم.
وفي تحرك سياسي آخر، دخلت الحركة في مفاوضات مع رئيس الوزراء حول منح الثقة لحكومته، حيث اشترطت الحركة أربعة عشر شرطًا مقابل منح الثقة، وكان من ضمن هذه الشروط أن تتعهد الحكومة - بكل إخلاص - بالتوجه نحو تطبيق الشريعة الإسلامية في ميادين التعليم والاقتصاد والإعلام، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحركة الإسلامية مثل هذه المبادرة في الحلبة السياسية، وبدأ الناس الذين كان يظن الكثير منهم قبل هذه التجربة ببعد احتمال أن يشترك الإسلاميون فيما يسمى بالحكومة غير الإسلامية، بالتعامل مع هذه القوة السياسية الناشئة، وفتح أمام الإسلاميين مجال عملي جديد، لم يكن من قبل متاحًا لهم، للتمرس في العمل السياسي.


الصفحة التالية
Icon