قد يظن البعض أن مشاركة الحركة الإسلامية اليمنية في السلطة لم تبدأ إلا بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ٢٧أبريل ١٩٩٣م، يبد أن الحقيقة هي أن الحركة بدأت تجربتها في المشاركة منذ وقت مبكر وعلى أصعدة متعددة وبأساليب متنوعة حسبما تتطلبه الظروف والمراحل، وإن كانت السنوات الأخيرة من عمر التجربة السياسية للحركة اليمنية تظهر مع قرار الحركة في المشاركة في انتخابات أبريل ١٩٩٣م، ثم المشاركة في الحكومة حيث أظهرت ملامح الحركة السياسية قدرتها على خوض الصراع السياسي بمهارة فائقة وقدرة نادرة وتخطيط صحيح وإدارة رشيدة وتنظيم قوي.
لم يكن برنامج العمل السياسي للتجمع اليمنى للإصلاح إلا وليد مجهودات سبقت، وسنين من العمل والجهاد المتواصل، ظهرت رؤيته العقدية وصبغته الشرعية ومنظومته الفكرية والثقافية منذ اليوم الأول لاندلاع ثورة سبتمبر ١٩٦٢م التي أطاحت بنظام الإمامية وجاءت بالنظام الجمهوري وأخذت هذه المنظومة تتطور مع الزمن حتى برزت في هيكلها الأخير للتجمع والإصلاح، ولقد ساعدت عوامل عدة في نمو الحركة السياسي والتنظيمي مع الامتداد الشعبي المتوازن، ومن أهم هذه العوامل:
١- بقاء اليمن الشمالي حرًا بعيدًا عن الاستعمار الأجنبي.
٢- تأكيد النظام الجمهوري بعد قيامه على سيادة الشريعة الإسلامية وجعلها مصدر القوانين جميعًا.
٣- وجود مجال رحب للعمل السياسي استفادت منه الحركة في تنمية قدراتها وتفجير طاقاتها وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها.
٤- امتلاك الشعب للسلاح وبذلك حافظ على حريته؛ ولم تستطع الحكومات العلمانية أن تذله وتكبل حريته وتصادر حقوقه؛ ولذلك لم تتعرض الحركة الإسلامية بشكل جماعي ومنظم طوال فترة ما بعد الثورة إلى اليوم لأية محنة كبيرة أو إجراءات قمعية شديدة كالسجن أو النفي أو المطاردة أو غير ذلك (١).

(١) انظر: مشاركة الإسلاميين في السلطة، ص ١٥٢.


الصفحة التالية
Icon