عندما شعر حزب السلامة بقوته، وصار جزءًا من الحياة السياسية في تركيا شرع منظرو الحزب بشن حملة إعلامية منظمة على أسس العلمانية في تركيا، وبينوا للناس أن الإطار السياسي لتركيا الجديدة يناقض المبادئ السياسية للإسلام، ويقضي الإسلام بتوحيد السلطات السياسية والدينية تحت سيطرة الدين، وفي هذا المعنى، فإن العلمانية، والنظام العلماني ضد الإسلام، الشريعة والدين، وخاصة تطبيقاتها في تركيا فإنها صممت لضمان الزندقة (١)، ويردف قائلاً: «إن الخونة والكذابين هم وحدهم الذين يقولون بأن الدين والسياسة شيئان منفصلان، لأن المسلمين لا يفصلون شئون الدنيا عن شئون السماء، لقد أصبح واضحًا بأن التشريع ليس من حق الإنسان، أما إذا وضع القوانين أو ادعى بأنه يفعل ذلك، فإن علمه هذا يعد خطيئة. إن خالق القوانين الإسلامية هو نفسه خالق الإنسان، لقد خلق الله الإنسان وفق هذه القوانين، إن القوانين الإنسانية لا تتناسب وطبيعة الإنسان، إن الإسلام نظام يصلح لكل الأزمان، إنه يمثل كلاً من الدين والدولة، إن القرآن لم ينزل ليقرأ في القبور أو يغلق عليه في أماكن العبادة، لقد أنزل
القرآن (ليحكم) (٢).
إن المجاهد الكبير أربكان شق طريقه بصعوبة في محاربته للعلمانية بالحجة والبرهان، ولقد عبر عن آرائه بصراحة خلال مباحثاته مع ضياء الحق، مؤكدًا أن دخول الإسلام في كل جوانب الحياة هو الشرط الوحيد لقيام دولة إسلامية، وفي هذا المجال قال أربكان: «قبل كل شيء يجب أن تكون الدولة إسلامية، إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الدين الإسلامي في خطر»(٣).
(٢) انظر: الحركة الإسلامية الحديثة، د. النعيمي ص ١٣٢.
(٣) المصدر نفسه، ص ١٣٢.