القرآن من مادة قرأت، ومنه قرأت الشيء فهو قرآن: أي جمعته، وضممت بعضه إلى بعض، فمعناه: الجمع والضم، ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة جنينًا، أي لم تضم رحمها على ولد (١).
قال أبو عبيدة (٢)- رحمه الله -: (... وإنما سمي قرآنًا لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية القرآن، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧]، أي: تأليف بعضه إلى بعض...) ثم قال: وفي آية أخرى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾ [النحل: ٩٨]، أي: إذا تلوت بعضهم في إثر بعض، حتى يجتمع، وينضم بعضه إلى بعض، ومعناه: يصير إلى معنى التأليف والجمع، ثم استشهد على هذا المعنى بقول عمرو بن كلثوم: (٣)
ذراعي حرة أدماء بكر هيجان اللون لم تقرأ جنينا (٤)
أي لم تضم في رحمها ولدًا قط(٥)، فيسمى القرآن قرآنًا، لأنه جمع القصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والآيات والسور: بعضها إلى بعض(٦).
(٢) هو معمر بن المثنى التميمي مولاهم البصري، النحوي، صاحب التصانيف، ولد سنة ١١هـ ومات سنة ٢٠٩هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (٩/٤٤٥).
(٣) هو عمرو بن كلثوم التغلبي : من أصحاب المعلقات السبع ومن كبار شعراء الجاهلية. انظر: شرح المعلقات السبع ص١٨٠.
(٤) انظر: شرح القصائد السبع الطوال، لأبي بكر محمد بن القاسم الأنبارى، ص٣٨٠.
(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر التميمي (١/١-٣).
(٦) انظر: لسان العرب، كتاب (أ-ب) فصل الهمزة، باب أقرأ (١/١٢٨).