٤- ومنها: أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الحكام وغيرهم، فإن الخصمين لما دخلا على داود في حالة غير معتادة، ومن غير الباب المعهود، فزع منهم واشتد عليه ذلك، ورآه غير لائق بالحال.
٥- ومنها: أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم وفعله ما لا ينبغي.
٦- ومنها: كمال حلم داود عليه السلام، فإنه ما غضب عليهما، حين جاءاه بغير استئذان، وهو الملك، ولا انتهرهما، ولا وبخهما.
٧- ومنها: جواز قول المظلوم لمن ظلمه: «أنت ظلمتني»، أو: يا ظالم أو باغ عليَّ ونحو ذلك؛ لقولهما: ﴿خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾.
٨- ومنها: أن الموعوظ والمنصوح ولو كان كبير القدر، جليل العلم، إذا نصحه أحد، أو وعظه، لا يغضب، ولا يشمئز، بل يبادره بالقبول والشكر.
٩- ومنها: أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب، وكثرة التعلقات الدنيوية المالية، موجبة للتعادي بينهم، وبغي بعضهم على بعض، وأنه لا يرد عن ذلك إلا استعمال تقوى الله، والصبر على الأمور بالإيمان والعمل الصالح.
١٠- ومنها: أن الاستغفار والعبادة خصوصًا الصلاة، مكفرات للذنوب، فإن الله رتب مغفرة ذنب داود، على استغفاره وسجوده(١).
ب- استخلاف الله تعالى لداود عليه السلام:
قال تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ
الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾
[ص: ٢٦].
خاطب الله تعالى داود عليه السلام بأن جعله حاكمًا بين الناس في الأرض، فله الحكم والسلطة، وعليهم السمع والطاعة، ثم بين الله تعالى له قواعد الحكم تعليمًا لغيره من الناس.

(١) انظر: تفسير السعدي الذي اختصر في مجلد ص ٥٥٩، ٦٦٠.


الصفحة التالية
Icon