١- ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ أي فاقض بين الناس بالعدل الذي قامت به السموات والأرض، وهذه أولى وأهم قواعد الحكم.
٢- ﴿وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ أي لا تمل في الحكم مع أهواء نفسك أو بسبب مطامع الدنيا، فإن اتباع الهوى مزلقة ومدعاة إلى النار، لذا قال: ﴿فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ﴾ أي أن اتباع الهوى سبب في الوقوع في الضلال والانحراف عن جادة الحق، وعاقبته الخذلان، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾.
أي أن الذين يتنكبون طريق الحق والعدل، لهم عقاب شديد يوم القيامة والحساب الأخروي، بسبب نسيانهم أهوال ذلك اليوم، وما فيه من حساب شديد دقيق لكل إنسان، وبسبب تركهم العمل لذلك اليوم، ومنه القضاء بالعدل.
والعبرة من هذا الموضوع: الوصية من الله عز وجل لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق، ولا يحيدوا عنه، فيضلوا عن سبيل الله، وقد توعد الله من ضل عن سبيله وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد والحساب الشديد(١).
إن الآية الكريمة تبين أن الحكم بين الناس، مرتبة دينية، تولاها رسل الله، وخواص خلقه، وأن وظيفة القائم بها الحكم بالحق، ومجانبة الهوى، فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية، والعلم بصورة القضية المحكوم بها، وكيفية إدخالها في الحكم الشرعي، فالجاهل بأحد الأمرين لا يصلح للحكم، ولا يحل له الإقدام عليه، وتبين كذلك أن الحاكم ينبغي له أن يحذر الهوى، ويجعله منه على بال، فإن النفوس لا تخلو منه؛ بل يجاهد نفسه، بأن يكون الحق مقصوده(٢).
ج- هبة من الله تعالى مباركة وفتح وإلهام:

(١) انظر: تفسير المنير (٢٣/١٨٨).
(٢) انظر: تفسير السعدي الذي جمع في مجلد واحد ص٦٦٠.


الصفحة التالية
Icon