إن الآيات الكريمة عرضت صفات سليمان عليه السلام كملك وحاكم ممكَّن له في الأرض، وفي هذا إشارة من الله تعالى إلى الصفات القيادية المطلوبة للإشراف على تمكين شرع الله تعالى:
١- الحزم: ويظهر ذلك عند القيادة إن غلب الظن أن هناك تقصيرًا، أو تكاسلاً
عن الحضور وقت الطلب أو التأخر وقت العمل: ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ
لأَذْبَحَنَّهُ﴾
[النمل: ٢١] فإنه قد تبين لسليمان عليه السلام أن الهدهد غائب، فتهدد بذلك أمام الجمع الذي يعلم أن الهدهد غائب، حتى لا يكون غيابه -إن لم يؤخذ بالحزم- سابقة سيئة لبقية الجند(١).
٢- التريث والتأني قبل الحكم، فلعل للغائب عذرًا، أو للمقصر حجة تدفع الإثم، وترفع العقوبة، ولهذا قال سليمان بعدها: ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ [النمل: ٢١] أي (بحجة تبين عذره في غيبته) (٢)، وهذا هو اللائق بالحاكم والقاضي إذا كان عادلاً، وسليمان عليه السلام الذي اشتهر بالعدالة هو وجنوده حتى عند النمل، لا ينتظر منه مع الهدهد، أو ما دونه أو ما فوقه، إلا أن يكون عادلاً لا يعاجل بالعقوبة قبل ثبوت الجريمة ولا يبادر إلى المؤاخذة قبل سماع الحجة.

(١) انظر: في ظلال القرآن (٥/٢٦٣٨).
(٢) تفسير القرطبي (١٣/١٨٠).


الصفحة التالية
Icon