لقد قالوا إن ذا القرنين: هو الإسكندر المقدوني اليوناني وذلك لأن البلاد التي استولى عليها الإسكندر امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها، وقيل هو قورش الإخميني، لإجماع المؤرخين على عدالة سيرته وحسن سيرته في الشعوب والممالك التي استولى عليها، وقيل إنه أبو كرب شمر بن عمرو الحميري، لقد ناقش الأستاذ محمد خير رمضان يوسف الأقوال السابقة وخرج بنتيجة أن ذا القرنين، لم يكن واحدًا من هؤلاء الثلاثة، ونقد الآراء السابقة نقدًا علميًا متينًا، ووصل إلى أن: (ذو القرنين القرآني الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز، وأثنى عليه بالإيمان والإصلاح والعدل، في سورة قرآنية عظيمة، وآيات إعجازية جليلة، وقصة تاريخية نادرة، مليئة بالدروس والعبر، طافحة بالعظات والمبادئ والحكم.
إنه علم قرآني بارز.. خلد الله ذكره في كتابه الخالد، فاستحق أن ينال لقب القرآني وكفى، ولم أشأ أن أقول غير هذا لأنني لم أر من أعطى شخصية ذي القرنين حظها في التاريخ مثلما أعطى الله عز وجل في كتابه العظيم، إنه الرجل الطواف في الأرض، الصالح العادل، الخاشع لربه، والمنفذ لأمره، والقائم بين الناس بالإصلاح، والذي ملك أقاصي الدنيا وأطرافها، فلم يغره مال ولا منصب ولا جاه ولا قوة ولا سلطان، بل إنه بقى ذاكرًا لفضل ربه ورحمته، متأهبًا لليوم الآخر، ليلقى جزاءه العادل عند ربه.
ويكفي أن يبقى ذو القرنين ذلك الشخصية العظيمة في التاريخ، وذلك العلم البارز في العدل والإصلاح، والقيادة ومثال الحاكم الصالح، على مر التاريخ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بشهادة الكتاب الخالد) (١).
إن القرآن الكريم اهتم بإخراج القيم الصحيحة في سيرة ذي القرنين وأعماله وأقواله مثل:

(١) ذو القرنين القائد الفاتح والحاكم الصالح (٢٤٧-٢٤٩).


الصفحة التالية
Icon