ثالثًا: أخلاقه القيادية وفقهه في إحياء الشعوب:
أ- أخلاقه القيادية:
إن شخصية ذي القرنين تميزت بأخلاق رفيعة ساعدته على تحقيق رسالته الدعوية والجهادية في الحياة ومن أهم هذه الأخلاق:
١- الصبر: كان جلدًا صابرًا على مشاق الرحلات؛ فمثلاً تلك الحملات التي كان يقوم بها تحتاج إلى جهود جبارة في التنظيم والنقل والتحرك والتأمين، فالأعمال التي كان يعملها تحتاج إلى جيوش ضخمة، وإلى عقلية يقظة، وذكاء وقاد، وصبر عظيم وآلات ضخمة وأسباب معينة على الفتح والنصر والتملك(١).
٢- كانت له مهابة ونجابة: يستشعرها من يراه لأول مرة، فلا يخطئ ظنه عندما يوقن أنه ليس بملك جبار ولا ظالم، فعندما بلغ بين السدين ووجد القوم المستضعفين، استأنسوا به، ووجدوا فيه مخلصًا من الظلم والقهر الواقع عليهم فبادروه بسؤال المعونة؛ فمن الذي أدراهم بأنه لن يكون مفسدًا مثلهم، ومعه من القوة والعدة ما ليس مثلهم(٢).
٣- الشجاعة: كان قوي القلب جسورًا غير هيّاب من التبعات الضخمة والمسئوليات العظيمة إذا كان في ذلك مرضاة الله سبحانه، فإن ما طلب من إقامة السد، كان عملاً عظيمًا في ذاته، حيث إن القوم المفسدين كانوا من الممكن أن يوجهوا إفسادهم إليه وإلى جنوده، ولكنه أقدم وأقبل غير متأخر ولا مدبر(٣).
٤- التوازن في شخصيته: فلم تعكر شجاعته على حكمته، ولم ينقص حزمه من رحمته، ولا حسمه من رفقه وعدالته، ولم تكن الدنيا كلها -وقد سُخرت له- كافية لإثنائه عن تواضعه وطهارته وعفته.
٥- كثير الشكر: لأنه كان صاحب قلب حي موصول بالله تعالى، فلم تُسكره نشوة النصر، وحلاوة الغلبة بعدما أذل كبرياء المفسدين، بل نسب الفضل إلى ربه سبحانه(٤)، وقال: ﴿هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي﴾ [الكهف: ٩٨].

(١) انظر: الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (٢/٦٢٤).
(٢)، ٣) المصدر نفسه (٢/٦٢٤).
(٤) المصدر نفسه (٢/٦٢٧).


الصفحة التالية
Icon