إن المجتمعات البشرية غنية بالطاقات المتعددة في المجالات المتنوعة في ساحات الفكر والمال والتخطيط والتنظيم، والقوى المادية، ويأتي دور القيادة الربانية في الأمة لتربط بين كل الخيوط والخطوط والتنسيق بين المواهب والطاقات وتتجه بها نحو خير الأمة ورفعتها.
إن أمتنا الإسلامية مليئة بالمواهب الضائعة والطاقات المعطلة، والأموال المهدرة، والأوقات المبددة، والشباب الحيارى، وهي تنتظر من قيادتها في كل الأقطار والدول والبلاد لكي تأخذ بقاعدة ذي القرنين في الجمع والتنسيق والتعاون ومحاربة الجهل والكسل والتخلف(١)﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾.
إن ذا القرنين لم يكن موقفه مع المستضعفين حمايتهم، وإنما توريثهم أسباب القوة حتى يستطيعوا أن يقفوا أمام المفسدين، لقد كان ذو القرنين يستطيع أن يبقى حتى يبدأ يأجوج ومأجوج في الهجوم، ثم يهاجم ويهزمهم، ولكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنه ليس من وظيفة الحاكم أو الملك أن يظل في انتظار هجوم الظالم، ولكن وظيفته منع وقوع الظلم.
كيف منع ذو القرنين وقوع الظلم؟ لم يأت بجيوش لحماية المستضعفين مع قدرته على ذلك، وإنما طلب منهم أن يعينوه ليساعدهم على حماية أنفسهم ويتعلموا فنون الحماية ويكسبوا خبرات ويتدربوا على العمل الجاد المثمر الذي يجعلهم يبنون السد بأيديهم؛ وهذا أدعى للحفاظ عليه وإصلاحه إن أصابه شيء.

(١) انظر: مع قصص السابقين (٢/٣٤٢).


الصفحة التالية
Icon