وجعل ابن عباس رضي الله عنهما الدعاء بمعنى الإيمان قال: (لولا دعاؤكم: إيمانكم) (١).
ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧].
فالآية اعتبرت هذه الخصال تصديقًا وإيمانًا، وجعلت أعمال البر هذه من الإيمان. ووجه الدلالة من الآية ما فسره رسول الله - ﷺ - حيث روى عبد الرزاق(٢) وغيره عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه سأل رسول الله - ﷺ - عن الإيمان فتلا عليه هذه الآية ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ..... ﴾ إلى آخرها.. والحديث رجاله ثقات(٣).
ومن فقه الإمام البخاري وفطنته -وهو البصير في الحديث والتفسير- أنه جعل هذه الآية وما فيها من خصال البر من أمور الإيمان، وضمن باب أسماه «باب أمور الإيمان» وقرنها مع الآيات الأولى من سورة «المؤمنون» التي تتحدث عن صفات المؤمنين، ومع الحديث الذي يقرر أن الإيمان بضع وستون شعبة(٤).

(١) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم (١/٩).
(٢) هو الإمام العلامة الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني، صاحب المصنف، رحل الأئمة إليه، من اليمن، وله أوهام مغمورة في سعة علمه، توفي ٢١١هـ، العبر (١/٢٨٣).
(٣) فتح الباري، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان (١/٧٤).
(٤) المصدر نفسه (١/٧٤).


الصفحة التالية
Icon