ومن هذه الآيات: ثلاث آيات أوردها الإمام البخاري في صحيحه ضمن باب: «من قال إن الإيمان هو العمل» وهي قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف: ٧٢] قال ابن حجر في الفتح: «وقد نقل جماعة من المفسرين أن قوله هنا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ معناه: تؤمنون»(١) والثانية قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ - عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: ٩٣، ٩٢].
قال البخاري عن: «لا إله إلا الله» قال ابن حجر في الشرح: يدخل فيها المسلم والكافر، فإن الكافر مخاطب بالتوحيد بلا خلاف، بخلاف باقي الأعمال ففيها الخلاف.. فالسؤال عن التوحيد متفق عليه، فهذا هو دليل التخصيص، وحمل الآية عليه أولى، بخلاف الحمل على جميع الأعمال لما فيه من الاختلاف(٢).
من هذه الآيات التي أوردناها يتبين لنا أن الإيمان في القرآن شامل للاعتقاد وللنطق وللعمل، ولابد من القول بهذا اتباعًا للقرآن الكريم، الذي يجب أن تؤخذ منه الأقوال والآراء، وأن يعتمد عليه في الاستدلال والاستنباط، وأن يدخله المتأمل والباحث دون مقررات مسبقة.. فما قرره القرآن قبل، وما عرضه أخذ به، وما قال به لزم المؤمنين القول به.. وإليك أخي القارئ طائفة من أحاديث رسول الله - ﷺ - التي اعتبرت الإيمان شاملاً للقول والعمل والاعتقاد: روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - ﷺ - قال: «الإيمان بضع وستون شعبة.. والحياء شعبة من الإيمان» (٣).

(١) فتح الباري، كتاب الإيمان، باب: من قال إن الإيمان هو العمل (١/١٠٩).
(٢) المصدر نفسه (١/١١٠).
(٣) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب: أمور الإيمان (١/١٠) رقم ٩.


الصفحة التالية
Icon