قال العلامة ابن القيم: «والتصديق بلا إله إلا الله يقتضي الإذعان والإقرار بحقوقها وهي شرائع الإسلام التي هي تفصيل هذه الكلمة، بالتصديق بجميع أخباره وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.. فالمصدق بها على الحقيقة هو الذي يأتي بذلك كله، ومعلوم أن عصمة المال والدم على الإطلاق لم تحصل إلا بها وبالقيام بحقها، وكذلك النجاة من العذاب على الإطلاق لم تحصل إلا بها وبحقها»(١).
وقال ابن رجب: (أما من قال: لا إله إلا الله بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ﴾ [ص: ٢٦]) (٢).
الشرط السادس: الإخلاص:
وهو تصفية بصالح النية عن جميع شوائب الشرك(٣).
قال تعالى: ﴿أَلاَ للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر: ٣].
وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: ٥].
وفي «الصحيح» عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ -: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه»، «أو نفسه»(٤).
وقال الفضيل بن عياض(٥)-رحمه الله-: «إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة»(٦).

(١) التبيان في أقسام القرآن لابن القيم، ص٤٣.
(٢) كلمة الإخلاص لابن رجب، ص٢٨.
(٣) معارج القبول (٢/٤٢٣).
(٤) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب الحرص على الحديث (٣/٣٨) رقم ٩٩.
(٥) هو أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود الطالقاني الأصل، الزاهد العابد الثقة الإمام المشهور، كان أول أمره من قطاع الطرق، ثم تنسك وسمع الحديث بالكوفة، مات سنة ١٨٧ هـ، حلية الأولياء ٨/٨٤، سير أعلام النبلاء (٨/٤٢١).
(٦) مجموع الفتاوى (٣/١٢٤).


الصفحة التالية
Icon