ليس العبادة غير توحيد المحبة | مع خضوع القلب والأركان(١) |
والمجتمع بغير دين صحيح، وإيمان قوي، مجتمع متوحش مظلم متألم، وإن لمعت فيه بوارق الحضارة المهترئة وامتلأ بأدوات الرفاهية وأسباب النعيم الحسي، فهو مجتمع البقاء فيه للأقوى، لا للأفضل والأتقى، مجتمع تقرأ التعاسة والشقاء في وجوه أصحابه، وإن زينوا وجوههم بأنواع الأصباغ والمحسنات، وركبوا الطائرات، وسكنوا العمارات واغتصبوا أعظم الثروات، فهو مجتمع تافه رخيص هزيل، لأن غايات أهله غايات ساذجة، سطحية هزيلة لا تتجاوز شهوات البطون والفروج، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ [محمد: ١٢].
بخلاف مجتمع الإيمان والإسلام المبني على الحب في الله والرضا بكل ما صدر عن الله عز وجل واهب الحياة ومنشئ الخلق، وصاحب الأمر والنهي المطلق في الوجود كله، وهذا أمر طبيعي، في أن يحب الإنسان ربه، وخالقه ورازقه، لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وأي إحسان كإحسان من خلق فقدر وشرع فيسر، وجعل الإنسان في أحسن تقويم، ووعد من أطاعه بجنة الخلد التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
(١) النونية، ص١٥٨.