يقول الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى مفرقًا بين إيمان خامل وإيمان عامل، إيمان المسلم القاعد وإيمان المسلم الداعية تحت عنوان «إيماننا»:
«والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا في الإيمان بهذا المبدأ، أنه عندهم إيمان مخدر نائم في نفوسهم، لا يريدون أن ينزلوا على حكمه ولا أن يعملوا بمقتضاه.. على أنه إيمان ملتهب مشتعل قوي يقظ في نفوس الإخوان المسلمين، ظاهرة نفسية عجيبة نلمسها ويلمسها غيرنا في نفوسنا نحن الشرقيين: أن نؤمن بالفكرة إيمانًا يخيل للناس حيث نتحدث إليهم عنها أنها ستحملنا على نسف الجبل وبذل النفس والمال واحتمال المصاعب ومقارعة الخطوب حتى ننتصر بها أو تنتصر بنا، حتى إذا هدأت ثائرة الكلام وانفض نظام الجمع، نسي كل إيمانه وغفل عن فكرته، فهو لا يفكر في العمل لها، ولا يحدث نفسه بأن يجاهد أضعف الجهاد في سبيلها، بل قد يبالغ في هذه الغفلة وهذا النسيان، حتى يعمل على ضدها وهو يشعر أو لا يشعر.. أو لست تضحك عجبًا حين ترى رجلا ً من رجال الفكر والعمل والثقافة في ساعتين اثنتين متجاورتين من ساعات النهار: ملحدًا من الملحدين، وعابدًا مع العابدين»(١).
إن الإيمان الذي جاء به القرآن الكريم وبينه سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والتسليم ليس إيمانًا مجردًا حبيس دائرة الذهن والتصور؛ بل هو تصديق يتبعه عمل، وإقرار يتبعه التزام، واعتقاد يتبعه خضوع.
فحقيقة الإيمان في القرآن الكريم تدفع العبد المؤمن إلى جهاد ودعوة، والتزام وحركة، وتواصٍ بالحق وثبات عليه، وتواصٍ بالصبر وحث عليه(٢).

(١) رسائل حسن البنا، ص١٦.
(٢) انظر: في ظلال الإيمان، ص ٦٤.


الصفحة التالية
Icon